فصل: قواعد في أسماء الله تعالى

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **


قواعد في أسماء الله تعالى

القاعدة الأولى‏:‏ أسماء الله تعالى كلها حسنى

أي بالغة في الحسن غايته، قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 180‏]‏ ‏.‏ وذلك لأنها متضمنة لصفات كاملة لا نقص فيها بوجه من الوجوه، لا احتمالًا ولا تقديرًا‏.‏

* مثال ذلك‏:‏ ‏"‏الحي‏"‏ اسم من أسماء الله تعالى، متضمن للحياة الكاملة التي لم تسبق بعدم، ولا يلحقها زوال‏.‏ الحياة المستلزمة لكمال الصفات من العلم، والقدرة، والسمع، والبصر وغيرها‏.‏

* ومثال آخر‏:‏ ‏"‏العليم‏"‏ اسم من أسماء الله متضمن للعلم الكامل، الذي لم يسبق بجهل، ولا يلحقه نسيان قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لاَّ يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنسَى‏}‏ ‏[‏طه‏:‏ 52‏]‏ ‏.‏ العلم الواسع المحيط بكل شيء جملة وتفصيلًا، سواء ما يتعلق بأفعاله، أو أفعال خلقه، قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ 59‏]‏ ‏.‏ ‏{‏وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ‏}‏ ‏[‏هود‏:‏ 6‏]‏ ‏.‏ ‏{‏يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ‏}‏ ‏[‏التغابن‏:‏ 4‏]‏ ‏.‏

* ومثال ثالث‏:‏ ‏"‏الرحمن‏"‏ اسم من أسماء الله تعالى، متضمن للرحمة الكاملة، التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لله أرحم بعباده من هذه بولدها‏)‏ يعني أم صبي وجدته في السبي فأخذته وألصقته ببطنها وأرضعته‏.‏ ومتضمن أيضًا للرحمة الواسعة التي قال الله عنها‏:‏ ‏{‏ورحمتي وسعت كل شيء‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 156‏]‏ ، وقال عن دعاء الملائكة للمؤمنين‏:‏ ‏{‏رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا‏}‏ ‏[‏غافر‏:‏7 ‏]‏ ‏.‏

والحسن في أسماء الله تعالى، يكون باعتبار كل اسم على انفراده، ويكون باعتبار جمعه إلى غيره فيحصل بجمع الاسم إلى الآخر كمال فوق كمال‏.‏

مثال ذلك‏:‏ ‏"‏العزيز الحكيم‏"‏‏.‏ فإن الله تعالى يجمع بينهما في القرآن كثيرًا‏.‏ فيكون كل منهما دالًا على الكمال الخاص الذي يقتضيه، وهو العزة في العزيز، والحكم والحكمة في الحكيم، والجمع بينهما دال على كمال آخر وهو أن عزته تعالى مقرونة بالحكمة، فعزته لا تقتضي ظلمًا وجورًا وسوء فعل، كما قد يكون من أعزاء المخلوقين، فإن العزيز منهم قد تأخذه العزة بالإثم، فيظلم ويجور ويسيء التصرف‏.‏ وكذلك حكمه تعالى وحكمته مقرونان بالعز الكامل بخلاف حكم المخلوق وحكمته فإنهما يعتريهما الذل‏.‏

القاعدة الثانية‏:‏ أسماء الله تعالى أعلام وأوصاف

فهي أعلام، باعتبار دلالتها على الذات، وأوصاف باعتبار ما دلت عليه من المعاني، وهي بالاعتبار الأول مترادفة لدلالتها على مسمى واحد، وهو الله - عز وجل - وبالاعتبار الثاني متباينة لدلالة كل واحد منها على معناه الخاص في الحي، العليم، القدير، السميع، البصير، الرحمن، الرحيم، العزيز، الحكيم‏.‏ كلها أسماء لمسمى واحد، وهو الله سبحانه وتعالى، لكن معنى الحي غير معنى العليم، ومعنى العليم غير معنى القدير، وهكذا‏.‏

وإنما قلنا بأنها أعلام وأوصاف، لدلالة القرآن عليه‏.‏ كما في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ‏}‏ ‏[‏الأحقاف‏:‏ 8‏]‏ ‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ‏}‏ ‏[‏الكهف‏:‏ 58‏]‏ فإن الآية الثانية دلت على أن الرحيم هو المتصف بالرحمة‏.‏ ولإجماع أهل اللغة والعرف أنه لا يقال‏:‏ عليم إلا لمن له علم، ولا سميع إلا لمن له سمع، ولا بصير إلا لمن له بصر وهذا أمر أبين من أن يحتاج إلى دليل‏.‏

وبهذا علم ضلال من سلبوا أسماء الله تعالى معانيها من أهل التعطيل وقالوا‏:‏ إن الله تعالى سميع بلا سمع، وبصير بلا بصر، وعزيز بلا عزة وهكذا‏.‏‏.‏ وعللوا ذلك بأن ثبوت الصفات يستلزم تعدد القدماء‏.‏ وهذه العلة عليلة بل ميتة لدلالة السمع والعقل على بطلانها‏.‏

أما السمع‏:‏ فلأن الله تعالى وصف نفسه بأوصاف كثيرة، مع أنه الواحد الأحد‏.‏ فقال تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ‏}‏ ‏[‏البروج‏:‏ 12‏:‏ 16‏]‏ ‏.‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى فَجَعَلَهُ غُثَاء أَحْوَى‏}‏ ‏[‏الأعلى‏:‏ 1‏:‏ 5‏]‏ ‏.‏ ففي هذه الآيات الكريمات أوصاف كثيرة لموصوف واحد، ولم يلزم من ثبوتها تعدد القدماء‏.‏

وأما العقل‏:‏ فلأن الصفات ليست ذوات بائنة من الموصوف، حتى يلزم من ثبوتها التعدد، وإنما هي من صفات من اتصف بها، فهي قائمة به وكل موجود فلا بد له من تعدد صفاته، ففيه صفة الوجود، وكونه واجب الوجود، أو ممكن الوجود، وكونه عينًا قائمًا بنفسه أو وصفًا في غيره‏.‏

وبهذا أيضًا علم أن‏:‏ ‏"‏الدهر‏"‏ ليس من أسماء الله تعالى، لأنه اسم جامد، لا يتضمن معنى يلحقه بالأسماء الحسنى، ولأنه اسم للوقت والزمن، قال الله تعالى، عن منكري البعث‏:‏ ‏{‏وَقَالُوا مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ‏}‏ ‏[‏الجاثية‏:‏ 24‏]‏ يريدون مرور الليالي والأيام‏.‏

فأما قوله، صلى الله عليه وسلم،‏:‏ قال الله ـ عز وجل ـ‏:‏ ‏(‏يؤذيني ابن آدم يسب الدهر، وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار‏)‏‏.‏ فلا يدل على أن الدهر من أسماء الله تعالى وذلك أن الذين يسبون الدهر إنما يريدون الزمان الذي هو محل الحوادث لا يريدون الله تعالى، فيكون معنى قوله‏:‏ ‏(‏وأنا الدهر‏)‏ ما فسره بقوله‏:‏ ‏(‏بيدي الأمر أقلب الليل والنهار‏)‏، فهو سبحانه خالق الدهر وما فيه، وقد بين أنه يقلب الليل والنهار، وهما الدهر، ولا يمكن أن يكون المقلب ‏(‏بكسر اللام‏)‏ هو المقلب ‏(‏بفتحها‏)‏، وبهذا تبين أنه يمتنع أن يكون الدهر في هذا الحديث مرادًا به الله تعالى‏.‏

القاعدة الثالثة‏:‏ أسماء الله تعالى إن دلت على وصف متعد، تضمنت ثلاثة أمور

أحدها‏:‏ ثبوت ذلك الاسم لله ـ عز وجل ـ‏.‏

الثاني‏:‏ ثبوت الصفة التي تضمنها لله عز وجل‏.‏

الثالث‏:‏ ثبوت حكمها ومقتضاها‏.‏ ولهذا استدل أهل العلم على سقوط الحد عن قطاع الطريق بالتوبة، استدلوا على ذلك بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 34‏]‏ لأن مقتضى هذين الاسمين أن يكون الله تعالى قد غفر لهم ذنوبهم، ورحمهم بإسقاط الحد عنهم‏.‏

مثال ذلك‏:‏ ‏"‏السميع‏"‏، يتضمن إثبات السميع اسمًا لله تعالى، وإثبات السمع صفة له، وإثبات حكم ذلك ومقتضاه وهو أنه يسمع السر والنجوى كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ‏}‏ ‏[‏المجادلة‏:‏ 1‏]‏ ‏.‏

وإن دلت على وصف غير متعد تضمنت أمرين‏:‏

أحدهما‏:‏ ثبوت ذلك الاسم لله ـ عز وجل ـ‏.‏

الثاني‏:‏ ثبوت الصفة التي تضمنها لله ـ عز وجل ـ‏.‏

* مثال ذلك‏:‏ ‏"‏الحي‏"‏، يتضمن إثبات الحي اسمًا لله - عز وجل - وإثبات الحياة صفة له‏.‏

القاعدة الرابعة‏:‏ دلالة أسماء الله تعالى على ذاته وصفاته

تكون بالمطابقة وبالتضمن وبالالتزام‏.‏

* مثال ذلك‏:‏ ‏"‏الخالق‏"‏، يدل على ذات الله، وعلى صفة الخلق بالمطابقة، ويدل على الذات وحدها وعلى صفة الخلق وحدها بالتضمن، ويدل على صفتي العلم والقدرة بالالتزام‏.‏

ولهذا لما ذكر الله خلق السماوات والأرض قال‏:‏ ‏{‏لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا‏}‏ ‏[‏الطلاق‏:‏ 12‏]‏ ودلالة الالتزام مفيدة جدًا لطالب العلم إذا تدبر المعنى ووفقه الله تعالى فهمًا للتلازم فإنه بذلك يحصل من الدليل الواحد على مسائل كثيرة‏.‏

واعلم أن اللازم من قول الله تعالى، وقول رسوله، صلى الله عليه وسلم، إذا صح أن يكون لازمًا فهو حق وذلك لأن كلام الله ورسوله حق ولازم الحق حق، ولأن الله تعالى عالم بما يكون لازمًا من كلامه وكلام رسوله فيكون مرادًا‏.‏

وأما اللازم من قول أحد سوى قول الله ورسوله، فله ثلاث حالات‏:‏

الأولى‏:‏ أن يذكر للقائل ويلتزم به مثل أن يقول من ينفي الصفات الفعلية لمن يثبتها‏:‏ يلزم من إثباتك الصفات الفعلية لله - عز وجل - أن يكون من أفعاله ما هو حادث‏.‏ فيقول المثبت ‏:‏ نعم، وأنا ألتزم بذلك فإن الله تعالى لم يزل ولا يزال فعالًا لما يريد ولا نفاد لأقواله وأفعاله كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا‏}‏ ‏[‏الكهف‏:‏ 109‏]‏ ‏.‏ وقال‏:‏ ‏{‏وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ‏}‏ ‏[‏لقمان‏:‏ 27‏]‏ ‏.‏ وحدوث آحاد فعله تعالى لا يستلزم نقصًا في حقه‏.‏

الحال الثانية‏:‏ أن يذكر له ويمنع التلازم بينه وبين قوله، مثل أن يقول النافي للصفات لمن يثبتها‏:‏ يلزم من إثباتك أن يكون الله تعالى مشابهًا للخلق في صفاته‏.‏ فيقول المثبت‏:‏ لا يلزم ذلك، لأن صفات الخالق مضافة إليه لم تذكر مطلقة حتى يمكن ما ألزمت به، وعلى هذا فتكون مختصة به لائقة به، كما أنك أيها النافي للصفات تثبت لله تعالى ذاتًا وتمنع أن يكون مشابهًا للخلق في ذاته، فأي فرق بين الذات والصفات‏؟‏

وحكم اللازم في هاتين الحالين ظاهر‏.‏

الحال الثالثة‏:‏ أن يكون اللازم مسكوتًا عنه، فلا يذكر بالتزام ولا منع، فحكمه في هذه الحال أن لا ينسب إلى القائل، لأنه يحتمل لو ذكر له أن يلتزم به أو يمنع التلازم، ويحتمل لو ذكر له فتبين له لزومه وبطلانه أن يرجع عن قوله لأن فساد اللازم يدل على فساد الملزوم‏.‏

ولورود هذين الاحتمالين لا يمكن الحكم بأن لازم القول قول‏.‏

فإن قيل ‏:‏ إذا كان هذا اللازم لازمًا من قوله، لزم أن يكون قولًا له، لأن ذلك هو الأصل لا سيما مع قرب التلازم‏.‏

قلنا‏:‏ هذا مدفوع بأن الإنسان بشر، وله حالات نفسية وخارجية توجب الذهول عن اللازم، فقد يغفل، أو يسهو، أو ينغلق فكره، أو يقول القول في مضايق المناظرات من غير تفكير في لوازمه، ونحو ذلك‏.‏

القاعدة الخامسة‏:‏ أسماء الله تعالى توقيفية لا مجال للعقل فيها

وعلى هذا فيجب الوقوف فيها على ما جاء به الكتاب والسنة، فلا يُزاد فيها ولا ينقص، لأن العقل لا يمكنه إدراك ما يستحقه تعالى من الأسماء فوجب الوقوف في ذلك على النص لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً‏}‏ ‏[‏الإسراء‏:‏ 36‏]‏ ‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 33‏]‏ ‏.‏ ولأن تسميته تعالى بما لم يسم به نفسه، أو إنكار ما سمى به نفسه، جناية في حقه تعالى فوجب سلوك الأدب في ذلك والاقتصار على ما جاء به النص‏.‏

القاعدة السادسة‏:‏ أسماء الله تعالى غير محصورة بعدد معين

لقوله صلى الله عليه وسلم، في الحديث المشهور‏:‏ ‏(‏أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك‏)‏‏.‏ الحديث رواه أحمد وابن حبان والحاكم، وهو صحيح‏.‏

وما استأثر الله تعالى به في علم الغيب لا يمكن لأحدٍ حصره، ولا الإحاطة به‏.‏

فأما قوله، صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إن لله تسعة وتسعين اسمًا مائة إلا واحدًا من أحصاها‏)‏ دخل الجنة‏)‏، فلا يدل على حصر الأسماء بهذا العدد، ولو كان المراد الحصر لكانت العبارة‏:‏ ‏(‏إن أسماء الله تسعة وتسعون اسمًا من أحصاها دخل الجنة‏)‏ أو نحو ذلك‏.‏

إذًا فمعنى الحديث‏:‏ أن هذا العدد من شأنه أن من أحصاه دخل الجنة، وعلى هذا فيكون قوله ‏(‏من أحصاها دخل الجنة‏)‏ جملة مكملة لما قبلها، وليست مستقلة، ونظير هذا أن تقول‏:‏ عندي مائة درهم أعددتها للصدقة، فإنه لا يمنع أن يكون عندك دراهم أخرى لم تعدها للصدقة‏.‏

ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، تعيين هذه الأسماء‏.‏ والحديث المروي عنه في تعيينها ضعيف‏.‏

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوي صـ382جـ6 من مجموع ابن قاسم‏:‏ تعيينها ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، باتفاق أهل المعرفة بحديثه وقال قبل ذلك ‏(‏صـ379‏)‏ ‏:‏ إن الوليد ذكرها عن بعض شيوخه الشاميين كما جاء مفسرًا في بعض طرق حديثه‏.‏ ا‏.‏هـ وقال ابن حجر في فتح الباري ص215جـ11 ط السلفية‏:‏ ليست العلة عند الشيخين ‏(‏البخاري ومسلم‏)‏، تفرد الوليد فقط، بل الاختلاف فيه والاضطراب، وتدليسه واحتمال الإدراج ا‏.‏هـ‏.‏

ولما لم يصح تعيينها عن النبي، صلى الله عليه وسلم اختلف السلف فيه وروي عنهم في ذلك أنواع‏.‏ وقد جمعت تسعة وتسعين اسمًا مما ظهر لي من كتاب الله تعالى، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

فمن كتاب الله تعالى‏:‏

الأول الإله الأكرم الأعلى الأحد الله البصير البَرّ البارئ والباطن والظاهر والآخر الحفي الحفيظ الحسيب الحافظ الجبار التواب الحي الحميد الحليم الحكيم المبين الحقّ ا لرّحمن الرؤوف الخلاّق الخالق الخبير القيوم الشاكر السّميع السّلام الرّقيب الرّزّاق الرّحيم العظيم العزيز العالم الصّمد الشهيد الشّكور الغنيّ الغفور الغفّار العليّ العليم العفُوّ القريب القدير القدّوس القاهر القادر الفتاح المؤمن اللّطيف الكريم الكبير القهّار القويّ المحيط المجيد المجيب المتين المتكبّر المتعالي المولى المليك الملك المقيت المقتدر المصوّر

الودود الواسع الوارث الواحد النّصير المهيمن الوهّاب الوليُّ الوكيل ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

الجميل الجواد الحكم الحيي الرب الرفيق السُّبّوح السيد الشافي الطيب القابض الباسط المقدم المؤخر المحسن المعطي المنان الوتر ‏.‏

هذا ما اخترناه بالتتبع واحد وثمانون اسمًا في كتاب الله تعالى وثمانية عشر اسمًا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كان عندنا تردّد في إدخال ‏(‏الحفي‏)‏، لأنه إنما ورد مقيدًا في قوله تعالى عن إبراهيم‏:‏ ‏{‏إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا‏}‏ ‏[‏مريم‏:‏ 47‏]‏ ‏(‏19‏)‏ وكذلك ‏(‏المحسن‏)‏ لأننا لم نطلع على رواته في الطبراني وقد ذكره شيخ الإسلام من الأسماء‏.‏

ومن أسماء الله تعالى، ما يكون مضافًا مثل‏:‏ مالك الملك ذي الجلال والإكرام‏.‏